أخبار عالمية

العالم اليوم - الاقتصاد العالمي في 2025.. الواقع يتحدى "نبوءات متشائمة"

العالم اليوم - الاقتصاد العالمي في 2025.. الواقع يتحدى "نبوءات متشائمة"

انتم الان تتابعون خبر الاقتصاد العالمي في 2025.. الواقع يتحدى "نبوءات متشائمة" من قسم اخبار العالم والان نترككم مع التفاصيل الكاملة

شهد محمد - ابوظبي في الجمعة 26 ديسمبر 2025 01:17 مساءً - بين ضجيج التوقعات القاتمة وسقف المخاطر المرتفع، دخل الاقتصاد العالمي العام 2025 مثقلاً بسيناريوهات التشاؤم، من حروب تجارية وشيكة، وتشديد نقدي خانق، إلى مخاوف ركود عالمي واهتزاز أسواق المال.

غير أن مرور الشهور كشف تدريجياً عن واقع أكثر تعقيداً وأقل سوداوية، إذ بدت الفجوة آخذة في الاتساع بين ما حذر منه الاقتصاديون وما تحقق فعلياً على الأرض.

وفي لحظة مراجعة نهاية العام، تفرض التطورات الاقتصادية نفسها بوصفها اختباراً صعباً لدقة النماذج التحليلية التقليدية، وتفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية حول أسباب إخفاق التقديرات السائدة في قراءة مسار 2025 على نحو صحيح.

قبل ختام العام، يعيد تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية قراءة واحدة من أكثر السنوات الاقتصادية إثارة للجدل، كاشفاً عن فجوة واضحة بين التوقعات السائدة والنتائج الفعلية؛ فعلى الرغم من الأجواء القاتمة التي هيمنت على الخطاب الاقتصادي في بدايات العام، بفعل السياسات الحمائية للرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومخاوف الفقاعات المالية، والقلق من تباطؤ النمو العالمي، جاءت المحصلة النهائية أفضل بكثير مما توقعه معظم الاقتصاديين.

التشاؤم بلغ ذروته في الربع الأول من العام، لا سيما بعد إعلانات "يوم التحرير" في الثاني أبريل، التي بدت وكأنها تؤسس لمرحلة جديدة من الحروب التجارية.

إلا أن التطورات اللاحقة أظهرت أن "الانطباعات" لم تكن مرآة دقيقة للواقع. فالاقتصاد العالمي، وحركة التجارة، والأسواق المالية، تفوقت جميعها على التقديرات التوافقية، ما يطرح سؤالاً محورياً: لماذا أخطأ كثير من الاقتصاديين في قراءة 2025؟

السبب الأول تمثل في سوء تفسير سياسة ترامب التجارية؛ فرغم السرعة التي فُرضت بها الرسوم الجمركية في الأشهر الأولى، تبيّن لاحقاً أن هذه الإجراءات كانت في كثير من الأحيان أدوات تفاوض أكثر منها سياسات دائمة.

كما أن الضغوط السياسية والاقتصادية، ولا سيما اضطرابات أسواق الأسهم والسندات الأميركية، دفعت الإدارة إلى تأجيل الرسوم أو تخفيفها عبر استثناءات ومفاوضات.

ومع مرور الوقت، تراجع معدل الرسوم الجمركية الفعّالة في الولايات المتحدة، ما حسّن آفاق النمو العالمي وأعاد بعض الثقة للأسواق.

العامل الثاني كان التقليل من شأن مرونة الاقتصادات والشركات؛ فبرغم أن متوسط الرسوم الأميركية ظل أعلى بكثير من مستواه في العام السابق، أظهرت الشركات قدرة لافتة على التكيّف عبر تنويع سلاسل التوريد، وبناء مخزونات مسبقة، والبحث عن أسواق بديلة.

الصين، على وجه الخصوص، فاجأت المراقبين بقدرتها على امتصاص الصدمات، مدعومة بقوتها في سلاسل الإمداد والابتكار، وهو ما انعكس في رفع صندوق النقد الدولي لتوقعات نموها. كما ساهمت سياسات الدعم والإنفاق والإصلاحات في أوروبا وآسيا في تخفيف أثر الحمائية الأميركية.

أما السبب الثالث فتمثل في وجود "ممتصات صدمات" لم تحظَ بالاهتمام الكافي؛ ففي الولايات المتحدة، لعب قطاع الرعاية الصحية دوراً محورياً في دعم الاستهلاك والتوظيف، بينما كان الذكاء الاصطناعي هو الركيزة الأساسية للنمو.

كما أن الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية التكنولوجية، ومراكز البيانات، والمعدات، عوضت ضعف الإنفاق الرأسمالي التقليدي، ودعمت أسواق الأسهم والتجارة العالمية، حيث شكّلت مكونات التكنولوجيا المتقدمة جزءاً كبيراً من نمو التجارة العالمية.

كما ساهم ضعف الدولار في دعم اقتصادات الأسواق الناشئة.

تقديرات اقتصادية غير موفقة

بدورها، تقول خبيرة أسواق المال، حنان رمسيس، لموقع "اقتصاد دوت الخليج":

  • العام 2025 شهد جملة من التقديرات الاقتصادية الخاطئة التي وقع فيها عدد كبير من الاقتصاديين، وعلى رأسها التقدير المبالغ فيه لتداعيات الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
  • التوقع السائد حينها كان أن تؤدي هذه الرسوم إلى تأثير سلبي على الاقتصاد الأميركي، ولا سيما على تدفقات الاستثمار الأجنبي إلى الولايات المتحدة، إلا أن الواقع جاء مغايرًا تمامًا، حيث شهدت الولايات المتحدة اهتمامًا استثماريًا متزايدًا من عدة دول (..).
  • من بين التقديرات الخاطئة أيضًا المخاوف من تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى مستوى قد يقود إلى صراع عالمي، إلا أن إدارة ترامب اتجهت إلى تهدئة المشهد عبر مد جسور التعاون الاقتصادي مع الصين، والسعي لعقد لقاءات رفيعة المستوى لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية.

وتتطرق رمسيس إلى العلاقات الروسية الأميركية، مشيرة إلى أنها شهدت توترًا كبيرًا في عهد إدارة بايدن على خلفية الحرب في أوكرانيا واصطفاف الولايات المتحدة إلى جانب كييف، في حين اختلف المشهد في عهد ترامب، حيث ظهرت محاولات واضحة لفتح قنوات تفاهم مع روسيا، مع توقعات بتباعد المسارات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، واحتمالات لتخفيف العقوبات على موسكو في إطار تعاون محتمل بمجالات استراتيجية، أبرزها المعادن النادرة.

وتؤكد أن المخاوف من دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود أو انكماش بسبب الحروب التجارية لم تتحقق، بل على العكس شهد العالم تحولات نسبية في خريطة التجارة والاستثمار (..).

وفيما يخص التضخم، توضح أن العديد من الاقتصاديين توقعوا استمرار معاناة الاقتصاد الأميركي من معدلات تضخم مرتفعة، إلا أن البيانات الفعلية أظهرت نتائج مغايرة، ما دفع الاحتياطي الفيدرالي الأميركي إلى تبني سياسة أكثر مرونة، تمثلت في خفض أسعار الفائدة، كان آخرها خفض بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع ديسمبر الجاري.

وعن توجهات المستثمرين، تشير رمسيس إلى أن الاعتقاد السائد بأن العقار هو الملاذ الآمن الأول للاستثمار قد تغير، حيث تراجعت جاذبيته لصالح الفضة التي تصدرت المشهد، ثم الذهب، ثم أسواق المال، قبل أن يأتي العقار في مرتبة لاحقة.

كما تلفت إلى أن التوقعات بشأن الارتفاع غير المحدود للبيتكوين والعملات المشفرة ثبتت عدم دقتها، في ظل التراجعات الحادة التي شهدتها تلك الأصول منذ بداية العام، نتيجة قيام بعض الدول والمؤسسات ببيع حيازاتها لتسوية التزاماتها أو توجيه استثماراتها إلى أدوات أخرى.

وتختتم خبيرة أسواق المال حديثها بالإشارة إلى أن العام 2025 كان شاهدًا على انقلاب العديد من القناعات الاقتصادية رأسًا على عقب، حيث جاءت النتائج مختلفة تمامًا عمّا كان متوقعًا، سواء على مستوى السياسات النقدية أو حركة الاستثمارات أو أداء الأسواق العالمية.

تقييم الآثار غير المباشرة

وبحسب تقرير "فايننشال تايمز"، فإنه:

  • لم يخطئ الاقتصاديون في تشخيص المخاطر في 2025، لكنهم أخطأوا في تقدير الآثار غير المباشرة، وفي التقليل من قدرة الفاعلين الاقتصاديين على التكيف، ومن العوامل الإيجابية الكامنة.
  • غير أن دروس 2025 لا تعني زوال المخاطر في 2026، إذ لا تزال السياسات الأميركية، والذكاء الاصطناعي، والإصلاحات الاقتصادية، مصادر محتملة لتقلبات حادة في المرحلة المقبلة.

ومع ذلك، فإن أبرز ما يكشفه مسار 2025 هو أن الاقتصاد العالمي دخل مرحلة تُعاد فيها صياغة قواعد التوقع والتحليل نفسها. فالنماذج التقليدية التي تركز على الصدمات المباشرة لم تعد كافية لالتقاط الصورة الكاملة، في ظل عالم تتشابك فيه السياسات مع الابتكار التكنولوجي وسرعة التكيّف المؤسسي.

يفرض هذا الواقع على صناع القرار والمحللين التحول من منطق "التنبؤ الخطي" إلى مقاربة أكثر فعالية، تأخذ في الاعتبار السلوكيات التكيفية، والآثار الثانوية، وقدرة الأسواق على امتصاص الصدمات قبل أن تتحول إلى أزمات شاملة.

قراءة المشهد

من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي ياسين أحمد، لموقع "اقتصاد دوت الخليج":

  • مع اقتراب نهاية كل عام، تُعاد قراءة المشهد الاقتصادي العالمي، وتُقاس المسافة بين ما كان متوقعًا وما تحقق فعليًا.
  • تلك القراءة الآن تكشف بوضوح عن اتساع الفجوة بين التوقعات الاقتصادية السائدة والواقع، ما يؤكد محدودية النماذج التقليدية في تفسير عالم يتسم بالتسارع والتعقيد.

وتمثلت أبرز ملامح هذا الخلل في عدة محاور رئيسية، في تقديره، وهي على النحو التالي:

  1. الإخفاق في التنبؤ بمرونة الاقتصاد الأميركي، ذلك أن شريحة واسعة من الاقتصاديين توقعت أن تؤدي سياسات التشديد النقدي ورفع أسعار الفائدة إلى تباطؤ حاد أو ركود في الاقتصاد الأميركي، إلا أن ما حدث كان مغايرًا لذلك. فقد أظهرت الأسواق قدرًا ملحوظًا من الاستقرار، واستمرت معدلات التوظيف في التحسن، ما عكس قدرة الاقتصاد الأميركي على امتصاص الصدمات بصورة أفضل من المتوقع.
  2. التقليل من الأثر المتسارع للذكاء الاصطناعي، فرغم الحديث المبكر عن الذكاء الاصطناعي، فإن قلة من المحللين أدركت سرعة تأثيره العميق في إعادة تشكيل سوق العمل، ورفع الإنتاجية، وتغيير نماذج الأعمال. هذا القصور جعل كثيرًا من التوقعات غير مهيأة لحجم التحولات التي شهدها الواقع.
  3. المبالغة في الرهان على تعافي الاقتصاد الصيني، ذلك أن توقعات واسعة باضطلاع الصين بدور قاطرة النمو العالمي خلال عام 2025 لم تأخذ بالاعتبار التحديات الداخلية المتراكمة، وعلى رأسها أزمة القطاع العقاري وضعف ثقة المستهلك. وقد أدى التقليل من شأن هذه العوامل إلى تقديرات بعيدة عن الواقع الفعلي.
  4. تقديرات غير دقيقة لمسار التضخم، على اعتبار أن تراجع معدلات التضخم لم يكن كافيًا لإعادة الأسعار إلى المستويات المتوقعة، إذ تبيّن أن ضغوط الأجور وارتفاع تكاليف الخدمات والنقل وسلاسل الإمداد أكثر عنادًا واستمرارية مما افترضته النماذج الاقتصادية.
  5. ضعف تقدير المخاطر الجيوسياسية، وذلك بالنظر إلى أن الأزمات الجيوسياسية في مناطق عدة، لا سيما في أوكرانيا والشرق الأوسط، كان لها تأثير مباشر وغير مباشر على سلاسل التوريد وأسعار الطاقة، إلا أن هذه المخاطر لم تحظَ بالوزن الكافي في كثير من التنبؤات الاقتصادية.

ويختتم ياسين حديثه بالتأكيد على أن المرحلة المقبلة تتطلب نماذج تحليل أكثر مرونة، وقدرة أعلى على استيعاب المتغيرات الجيوسياسية والتكنولوجية، مشددًا على أن الاقتصاد العالمي لم يعد يخضع لقواعد تقليدية يمكن التنبؤ بها بسهولة.

 

 

نرجو ان نكون قد وفقنا في نقل التفاصيل الكاملة الخاصة بخبر الاقتصاد العالمي في 2025.. الواقع يتحدى "نبوءات متشائمة" .. في رعاية الله وحفظة

قد تقرأ أيضا