أخبار مصرية

الاتزان الاستراتيجى... العلاقات المصرية الأمريكية شراكة استراتيجية ممتدة

الاتزان الاستراتيجى... العلاقات المصرية الأمريكية شراكة استراتيجية ممتدة

احمد وائل عمر - القاهرة في الجمعة 26 ديسمبر 2025 01:25 مساءً - استعرض كتاب «الاتزان الاستراتيجى.. ملامح من السياسة الخارجية المصرية فى عشر سنوات»، الذى أصدرته وزارة الخارجية، ملامح السياسة الخارجية لمصر والشراكة الاستراتيجية الممتدة بين القاهرة والولايات المتحدة الأمريكية.

 

ويوضح الكتاب أن العلاقات المصرية الأمريكية، التي تأسست عام 1922، تمثل نموذجًا لشراكة استراتيجية ممتدة ازدادت رسوخاً وعمقاً عبر عقود بما يلبى حاجات سياسية واستراتيجية أساسية للطرفين ، فللولايات المتحدة دورها القيادي في جميع القضايا العالمية والإقليمية بحكم وضعيته الدولية كقوة عظمى، ولمصر دورها المحوري في الشرق الأوسط وأفريقيا والعالم الإسلامي، وبين دول الجنوب العالمي، كما أن مصر تأتي على رأس حلفاء الولايات المتحدة من خارج.

 

 

 

محطات بارزة في العلاقات المصرية الأمريكية

ومرت هذه العلاقات بالعديد من المراحل والمحطات البارزة، لعل أهمها في عام 1978 مع إبرام اتفاقية كامب ديفيد، والتي تلتها معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل 1979 ، فضلاً عن التعاون المصري الأمريكي في حرب الخليج عام 1991 ، ثم التنسيق بين البلدين لإنجاح مؤتمر السلام في مدريد عام 1991 ، ثم اتفاق أوسلو عام 1993 ودفع مفاوضات السلام الفلسطينية -الإسرائيلية لتحقيق الهدف المشترك للشريكين مصر والولايات المتحدة - وهو إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط، والتعاون والتنسيق في السنوات الأخيرة لتحقيق الاستقرار وتعزيز الأمن الإقليمي وتسوية الأزمات في مختلف أنحاء المنطقة من سوريا ودول المشرق العربي إلى ليبيا والسودان واليمن والبحر الأحمر وشرق المتوسط، ومنطقة القرن الأفريقي، بالإضافة إلى تطوير مختلف جوانب الشراكة الثنائية بين البلدين في المجالات العسكرية الاقتصادية والعلمية والثقافية في مجالات الطاقة والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، وزيادة التجارة البينية وتشجيع استثمارات القطاع الخاص في البلدين.

 

وتأسست الشراكة الاستراتيجية بين البلدين على أساس مبدأ دعم المصالح المشتركة وتقاسم الأعباء بين الشريكين ، وهي شراكة تتميز بطابعها المؤسسي المستمر بصرف النظر عن تغير الحكومات في البلدين، والعابر للانقسام الحزبي في الولايات المتحدة، وتقوم على ضلعين أساسيين ، هما تعميق التعاون الثنائي، والعمل المشترك في القضايا الإقليمية محل اهتمام البلدين.

 

 

 

مرحلة ما بعد ثورة 30 يونيو 2013

ومثلت السنوات العشر الماضية مرحلة مفصلية في تطور هذه العلاقة، خاصة وأنها جاءت عقب اختبار مهم لعمق العلاقة على وقع التطورات التي شهدتها مصر والمنطقة بين عامي 2011 و2013، والتباين الظرفي الذي شهدته رؤى البلدين في أعقاب ثورة 30 يونيو 2013، وشهدت مرحلة ما بعد ثورة 30 يونيو تباينًا ظرفيًا ، استمر لعدة أشهر بين البلدين حول قراءة مغزى الحراك الشعبي الكبير الذي شهدته مصر في هذه الثورة، ودلالاته، والواقع السياسي الجديد الذي أنشأه هذا الحراك، ومثل هذا التباين اختبارا كبيرا للشراكة بين البلدين، التي أثبتت قوتها من خلال لجوء الشريكين لفتح حوار طويل ومعمق، لم يقتصر على التواصل مع الإدارة الأمريكية، وإنما شمل التحرك الدبلوماسي المصري أيضا خلال تلك الفترة الحرجة التواصل مع قيادات الحزبين الديمقراطي والجمهوري، ومراكز الفكر والدراسات ومجتمع الأعمال الأمريكي وخاصة الشركات الأمريكية الأساسية المستثمرة في مصر، وهو ما أفضى في مطلع عام 2014 إلى استعادة الطابع المؤسسي والتعاوني المستقر في علاقة الشريكين، وتوافقهما على قراءة جديدة لمغزى التحولات التي شهدتها المنطقة، وما أظهرته من ضرورة الحفاظ على التماسك الاجتماعي والسلامة الإقليمية لمؤسسات الدولة الوطنية في المنطقة.

 

ثم جاءت مرحلة تعزيز التعاون وتوسيع أطر الشراكة في الفترة من 2017 وحتى 2020، حيث تمثلت أهم التطورات التي شهدتها هذه المرحلة، بالتزامن مع الولاية الأولى للرئيس “دونالد ترامب”، بتكثيف التحرك على مستوى دبلوماسية القمة، فقد شهدت العلاقات المصرية الأمريكية بالاتفاق على تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والحفاظ على الاستقرار الإقليمي، إضافة إلى لقاءات القمة المتوالية بين الجانبين على هامش العديد من الفعاليات الدولية والقمم، كالقمة العربية الإسلامية الأمريكية واجتماعات الشق رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة، وانعكس الزخم الجديد الذي شهدته العلاقات بين الجانبين في التعامل الإيجابي للإدارة الأمريكية فيما يتعلق ببرنامج المساعدات، والتجاوب مع زيارات الوفود المصرية العديدة خلال وانعقاد الجولة الأولى للتنسيق بين البلدين بصيغة ( 2+ 2) بمشاركة وزيري الخارجية والدفاع في البلدين، حيث تعد مصر من أكبر شركاء الولايات المتحدة في التعاون العسكري الذي يحقق مصالح الطرفين.

 

 

 

استقرار العلاقات 2021-2025

ثم تأتي مرحلة استقرار العلاقات وتعزيز طابعها المؤسسي من 2021 إلى 2025، والتي تمثل التحدي الرئيسي أمام الشراكة الاستراتيجية بين البلدين خلال هذه الفترة، بعد مرحلة الزخم التي أطلقتها دبلوماسية القمة خلال الولاية الأولى لإدارة الرئيس ترامب، في الحفاظ على الطابع الاستراتيجي للعلاقات بين البلدين بصرف النظر عن تغير الإدارة الأمريكية، وقد حرص البلدان على مدار هذه السنوات على دعم العلاقات في مجالات التعاون الاستراتيجي الأساسية، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب، والأمن البحري ومكافحة الهجرة غير الشرعية، والتعاون للحفاظ على الاستقرار الإقليمي وحل أزمات المنطقة الممتدة.

 

كما شهدت وتيرة غير مسبوقة في الاتصالات الثنائية والتنسيق السياسي بين البلدين، وأعلى معدل للاتصالات على مستوى القمة بين البلدين منذ وصول إدارة الرئيس “بايدن” للسلطة، وذلك بفعل التطورات المتصلة بالحرب في غزة، والدور المصري المركزي في السعي لوقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى والرهائن، وتوج هذا المستوى المكثف من التنسيق في صدور بيان رئاسي مشترك حول الحرب في غزة بين مصر والولايات المتحدة وقطر، فضلاً عن جهود الوساطة التي تقوم بها البلدان الثلاثة بهدف التوصل لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب والإفراج عن الأسرى والسجناء وإدخال المساعدات الإنسانية بصورة مستدامة ودون عوائق وبالكميات التي تلبي الاحتياجات الإنسانية للشعب الفلسطيني.

 

 

قد تقرأ أيضا